☰
Close Menu
مسجات إسلامية
مسجات مدح
مسجات مسائية
مسجات شوق و حنين
مسجات وداع و فراق
مسجات صباحية
مسجات الم و حزن
مسجات إعتذار
مسجات متنوعة
حالات للواتس اب
مسجات مزخرفة
تهنئة بالحج
تهنئة بالخطوبة
تهنئة بالزواج والمولود
مسجات حب و غرام
مسجات عتاب
تهنئة بالعمرة
تهنئة بالنجاح والتخرج
تهنئة بشهر رمضان
مسجات العيد
English
مسجات يوم الجمعة
أدعية
أقوال من التاريخ
حكم وأمثال
شعر
نكت ومقالب
مسجات درر
باب الصبر: قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا} [آل عمران: 200]. الصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله. وقد أمر الله تعالى بالصبر على ذلك كله. وقوله تعالى: {وصابروا} أي: غالبوا الكفار بالصبر فلا يكونوا أشد صبرا منكم، فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون. وقوله تعالى: {ورابطوا} أي: أقيموا على الجهاد. قال صلى الله عليه وسلم: ((رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها)). وقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟)) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ((إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. فذلكم الرباط، فذالكم الرباط)). وقال تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} [البقرة: 155]. على البلايا والرزايا بالذكر الجميل والثواب الجزيل. وقال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر: 10]. أي: بغير مكيال، ولا وزن، فلا جزاء فوق جزاء الصبر. وقال تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} [الشورى: 43]. أي: من صبر فلم ينتصر لنفسه وتجاوز عن ظالمه، فإن ذلك من الأمور المشكورة، والأفعال الحميدة. وقال تعالى: {استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين} [البقرة: 153] أي: استعينوا على طلب الآخرة بحبس النفس عن المعاصي، والصبر على أداء الفرائض، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر {وإنها لكبيرة} أي: ثقيلة {إلا على الخاشعين} أي: المؤمنين حقا. وقال تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} [محمد: 31]، والآيات في الأمر بالصبر وبيان فضله كثيرة معروفة. أي: ولنختبرنكم بالتكاليف حتى يتميز الصادق في دينه من الكاذب. قال تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} [الحج: 11]. والآيات في الأمر بالصبر وبيان فضله كثيرة معروفة. قيل: إن الصبر ذكر في مائة موضع من القرآن. 25- وعن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن- أو تملأ- ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك. كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها)). رواه مسلم. قوله: ((الطهور شطر الإيمان))، أي: نصفه؛ لأن خصال الإيمان قسمان: ظاهرة، وباطنة، فالطهور من الخصال الظاهرة، والتوحيد من الخصال الباطنة. قال صلى الله عليه وسلم: ((ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل في أيها شاء)). قوله: ((والحمد لله تملأ الميزان)) أي: أجرها يملأ ميزان الحامد لله تعالى. وفي الحديث الآخر: ((التسبيح نصف الميزان، والحمد لله تملؤه، ولا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تصل إليه)). وسبب عظم فضل هذه الكلمات: ما اشتملت عليه من التنزيه لله تعالى، وتوحيده، والافتقار إليه. قوله: ((والصلاة نور)) أي: لصاحبها في الدنيا، وفي القبر، ويوم القيامة. ((والصدقة برهان)) أي: دليل واضح على صحة الإيمان. ((والصبر ضياء))، وهو النور الذي يحصل فيه نوع حرارة؛ لأن الصبر لا يحصل إلا بمجاهدة النفس. ((والقرآن حجة لك أو عليك)) أي: إن عملت به فهو حجة لك، وإلا فهو حجة عليك. قوله: ((كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها)) أي: كل إنسان يسعى، فمنهم من يبيع نفسه لله بطاعته فيعتقها من النار، ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى فيهلكها. قال الحسن: ((يا ابن آدم إنك تغدو وتروح في طلب الأرباح، فليكن همك نفسك، فإنك لن تربح مثلها أبدا)). 26- وعن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنهما: أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده: ((ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله. وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر)). متفق عليه. في هذا الحديث: الحث على الاستعفاف، وأن من رزقه الله الصبر على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا، فقد أعطاه خيرا كثيرا. 27- وعن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)). رواه مسلم. في هذا الحديث: فضل الشكر على السراء والصبر على الضراء، فمن فعل ذلك حصل له خير الدارين، ومن لم يشكر على النعمة، ولم يصبر على المصيبة، فاته الأجر، وحصل له الوزر. 28- وعن أنس رضي الله عنه قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه. فقال: ((ليس على أبيك كرب بعد اليوم)) فلما مات، قالت: يا أبتاه، أجاب ربا دعاه! يا أبتاه، جنة الفردوس مأواه! يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه! فلما دفن قالت فاطمة رضي الله عنها: أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟! رواه البخاري. في هذا الحديث: جواز التوجع للميت عند احتضاره، وأنه ليس من النياحة. ومناسبة إيراده في باب الصبر: صبره صلى الله عليه وسلم على ما هو فيه من سكرات الموت، وشدائده، ورضاه بذلك، وتسكين ما نزل بالسيدة فاطمة من مشاهدة ذلك بقوله: ((لا كرب على أبيك بعد اليوم)). 29- وعن أبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه وابن حبه رضي الله عنهما، قال: أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم إن ابني قد احتضر فاشهدنا، فأرسل يقرئ السلام، ويقول: ((إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب)) فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها. فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال رضي الله عنهم، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي، فأقعده في حجره ونفسه تقعقع، ففاضت عيناه فقال سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ فقال: ((هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده)) وفي رواية: ((في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)). متفق عليه. ومعنى ((تقعقع)): تتحرك وتضطرب. في هذا الحديث: جواز استحضار أهل الفضل للمحتضر لرجاء بركتهم ودعائهم، واستحباب إبرار القسم، وأمر صاحب المصيبة بالصبر قبل وقوع الموت ليقع وهو مستشعر بالرضا مقاوما للحزن بالصبر , وفيه: جواز البكاء من غير نوح ونحوه. 30- وعن صهيب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر؛ فبعث إليه غلاما يعلمه، وكان في طريقه إذا سلك راهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر، مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيت الساحر، فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك، فقل: حبسني الساحر. فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجرا، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره. فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل علي؛ وكان الغلام يبرىء الأكمه والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء. فسمع جليس للملك كان قد عمي، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله تعالى دعوت الله فشفاك، فآمن بالله تعالى فشفاه الله تعالى، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي، قال: ولك رب غيري؟ قال: ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل! فقال: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب؛ فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه، فشقه حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فوضع المنشار في مفرق رأسه، فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه. فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم أكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور وتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه. فذهبوا به، فقال: اللهم أكفنيهم بما شئت، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك. فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى. فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: بسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع في صدغه، فوضع يده في صدغه فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، فأتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك حذرك. قد آمن الناس. فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت وأضرم فيها النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، أو قيل له: اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك على الحق!)). رواه مسلم. ((ذروة الجبل)): أعلاه، وهي- بكسر الذال المعجمة وضمها- و((القرقور)): بضم القافين نوع من السفن و((الصعيد)) هنا: الأرض البارزة و((الأخدود)) الشقوق في الأرض كالنهر الصغير، و((أضرم)): أوقد، و((انكفأت)) أي: انقلبت، و((تقاعست)): توقفت وجبنت. قال القرطبي: اسم الغلام عبد الله بن ثامر. وذكر عن ابن عباس أن الملك كان بنجران. وفي هذا الحديث: إثبات كرامة الأولياء. وفيه: نصر من توكل على الله سبحانه، وانتصر وخرج عن حول نفسه وقواها. وفيه: أن أعمى القلب لا يبصر الحق. وفيه: بيان شرف الصبر والثبات على الدين. 31- وعن أنس رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: ((اتقي الله واصبري)) فقالت: إليك عني؛ فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى)). متفق عليه. وفي رواية لمسلم: ((تبكي على صبي لها)). في هذا الحديث: أن ثواب الصبر إنما يحصل عند مفاجأة المصيبة، بخلاف ما بعدها، فإن صاحبها يسلو كما تسلو البهائم. 32- وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)). رواه البخاري. هذا من الأحاديث القدسية، وفيه: أن من صبر على المصيبة واحتسب ثوابها عند الله تعالى، فإن جزاءه الجنة. 33- وعن عائشة رضي الله عنها: أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون، فأخبرها أنه كان عذابا يبعثه الله تعالى على من يشاء، فجعله الله تعالى رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع في الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد. رواه البخاري. في هذا الحديث: فضل الصبر على الأقدار والاحتساب لثوابها. قال بعض العلماء: إن الصابر في الطاعون يأمن من فتان القبر؛ لأنه نظير المرابطة في سبيل الله. وقد صح ذلك في المرابط كما في (مسلم) وغيره. 34- وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله- عز وجل، قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة)) يريد عينيه، رواه البخاري. في هذا الحديث القدسي: أن من صبر على فقد بصره واحتسب أجره عند الله تعالى: عوضه عن ذلك الجنة. 35- وعن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله تعالى لي. قال: ((إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك)) فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها. متفق عليه. في هذا الحديث: فضل الصبر على البلاء، وعظم ثواب من فوض أمره إلى الله تعالى. 36- وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، يقول: ((اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون)). متفق عليه. في هذا الحديث: فضل الصبر على الأذي، ومقابلة الإساءة والجهل بالإحسان والحلم {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم 35} [فصلت: 35]. 37- وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)). متفق عليه. و ((الوصب)): المرض. في هذا الحديث: أن الأمراض وغيرها من المؤذيات مطهرة للمؤمن من الذنوب، فينبغي الصبر على ذلك ليحصل له الأجر، والمصاب من حرم الثواب. 38- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فقلت: يا رسول الله، إنك توعك وعكا شديدا، قال: ((أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم)). قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال: ((أجل، ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى، شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته، وحطت عنه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها)). متفق عليه. و (الوعك): مغث الحمى، وقيل: الحمى. أجل: جواب مثل نعم، إلا أنه أحسن من نعم في التصديق، ونعم، أحسن في الاستفهام. وفي هذا الحديث: فضل الصبر على الأمراض والأعراض، وأنها تكفر السيئات، وتحط الذنوب. وفي الحديث الآخر: ((أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل)). 39- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيرا يصب منه)). رواه البخاري. وضبطوا ((يصب)) بفتح الصاد وكسرها. في هذا الحديث: أن المؤمن لا يخلو من علة أو قلة، أو ذلة، وذلك خير له حالا ومآلا. قال الله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} [البقرة: 155]. 40- وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لابد فاعلا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي)). متفق عليه. في هذا الحديث: النهي عن تمني الموت جزعا من البلاء الدنيوي، بل يصبر على قدر الله ويسأله العافية، ويفوض أمره إلى الله. 41- وعن أبي عبد الله خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال: ((قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)). رواه البخاري. وفي رواية: ((وهو متوسد بردة وقد لقينا من المشركين شدة)). في هذا الحديث: مدح الصبر على العذاب في الدين، وكراهة الاستعجال. قال الله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب} [البقرة: 214]. 42- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن مثل ذلك، وأعطى ناسا من أشراف العرب وآثرهم يومئذ في القسمة. فقال رجل: والله إن هذه قسمة ما عدل فيها، وما أريد فيها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته فأخبرته بما قال، فتغير وجهه حتى كان كالصرف. ثم قال: ((فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟)) ثم قال: ((يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر)). فقلت: لا جرم لا أرفع إليه بعدها حديثا. متفق عليه. وقوله: ((كالصرف)) هو بكسر الصاد المهملة: وهو صبغ أحمر. في هذا الحديث: استحباب الإعراض عن الجاهل والصفح عن الأذى والتأسي بمن مضى من الصالحين، قال الله تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} [الفرقان: 63]. 43- وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة)). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط)). رواه الترمذي، وقال: ((حديث حسن)). في هذا الحديث: الحث على الصبر على ما تجري به الأقدار، وأنه خير للناس في الحال والمآل، فمن صبر فاز، ومن سخط فاته الأجر وثبت عليه الوزر، ومضى فيه القدر. 44- وعن أنس رضي الله عنه قال: كان ابن لأبي طلحة رضي الله عنه يشتكي، فخرج أبو طلحة، فقبض الصبي، فلما رجع أبو طلحة، قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سليم وهي أم الصبي: هو أسكن ما كان، فقربت إليه العشاء فتعشى، ثم أصاب منها، فلما فرغ، قالت: واروا الصبي فلما أصبح أبو طلحة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ((أعرستم الليلة؟)) قال: نعم، قال: ((اللهم بارك لهما))، فولدت غلاما، فقال لي أبو طلحة: احمله حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، وبعث معه بتمرات، فقال: ((أمعه شيء؟)) قال: نعم، تمرات، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها، ثم أخذها من فيه فجعلها في في الصبي، ثم حنكه وسماه عبد الله. متفق عليه. وفي رواية للبخاري: قال ابن عيينة: فقال رجل من الأنصار: فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرؤوا القرآن، يعني: من أولاد عبد الله المولود. وفي رواية لمسلم: مات ابن لأبي طلحة من أم سليم، فقالت لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه، فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب، ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك، فوقع بها. فلما أن رأت أنه قد شبع وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، فقالت: فاحتسب ابنك، قال: فغضب، ثم قال: تركتني حتى إذا تلطخت، ثم أخبرتني بابني؟! فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بارك الله في ليلتكما))، قال: فحملت. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقا فدنوا من المدينة، فضربها المخاض، فاحتبس عليها أبو طلحة، وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: يقول أبو طلحة: إنك لتعلم يا رب أنه يعجبني أن أخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج وأدخل معه إذا دخل وقد احتبست بما ترى، تقول أم سليم: يا أبا طلحة، ما أجد الذي كنت أجد انطلق، فانطلقنا وضربها المخاض حين قدما فولدت غلاما. فقالت لي أمي: يا أنس، لا يرضعه أحد حتى تغدو به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح احتملته فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكر تمام الحديث. في هذا الحديث: فضل الصبر والتسليم لأمر الله تعالى، وأن من فعل ذلك رجي له الإخلاف في الدنيا، والأجر في الآخرة كما في الدعاء المأثور: ((اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها)). وفيه: التسلية عن المصائب، وتزين المرأة لزوجها، واجتهادها في عمل مصالحه، ومشروعية المعاريض الموهمة إذا دعت الضرورة إليها، ولم يترتب عليها إبطال حق. وفيه: أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. 45- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)). متفق عليه. ((والصرعة)): بضم الصاد وفتح الراء وأصله عند العرب من يصرع الناس كثيرا. في هذا الحديث: مدح من يملك نفسه عند الغضب. قال الله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134]. والغضب: جماع الشر، والتحرز منه جماع الخير، وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني. قال: ((لا تغضب))، فردد مرارا. قال: ((لا تغضب)). وقال عمر بن عبد العزيز: قد أفلح من عصم من الهوى، والغضب، والطمع. 46- وعن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورجلان يستبان، وأحدهما قد احمر وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ذهب عنه ما يجد)). فقالوا له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعوذ بالله من الشيطان الرجيم)). متفق عليه. في هذا الحديث: أن الشيطان هو الذي يثير الغضب ويشعل النار، وأن دواءه الاستعاذة. قال الله تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم} [الأعراف: 200]. 47- وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من كظم غيظا، وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء)). رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن). روى أن الحسين بن علي رضي الله عنهما كان له عبد يقوم بخدمته ويقرب إليه طهره، فقرب إليه طهره ذات يوم في كوز، فلما فرغ الحسين من طهوره رفع العبد الكوز من بين يديه، فأصاب فم الكوز رباعية الحسين فكسرها، فنظر إليه الحسين، فقال العبد: {والكاظمين الغيظ} قال: قد كظمت غيظي. فقال: {والعافين عن الناس}. قال: قد عفوت عنك. قال: {والله يحب المحسنين} قال: اذهب فأنت حر لوجه الله تعالى. 48- وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني. قال: ((لا تغضب)) فردد مرارا، قال: ((لا تغضب)). رواه البخاري. هذه وصية وجيزة نافعة؛ لأن الغضب يجمع الشر كله، وهو باب من من مداخل الشيطان. وفي الحديث دليل على عظم مفسدة الغضب، وما ينشأ منه؛ لأنه يخرج الإنسان عن اعتداله فيتكلم بالباطل، ويفعل المذموم والقبيح. 49- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة)). رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح). في هذا الحديث: أن المصائب والمتاعب النازلة بالمؤمن الصابر من المرض، والفقر، وموت الحبيب، وتلف المال، ونقصه: مكفرات لخطاياه كلها. 50- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم عيينة بن حصن، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر رضي الله عنه، وكان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي، لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه، فاستأذن فأذن له عمر. فلما دخل قال: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم فينا بالعدل. فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يوقع به. فقال له الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199] وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها، وكان وقافا عند كتاب الله تعالى. رواه البخاري. في هذا الحديث: أنه ينبغي لولي الأمر مجالسة القراء والفقهاء ليذكروه إذا نسي، ويعينوه إذا ذكر. وفيه: الحلم والصفح عن الجهال. قال جعفر الصادق: ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه. وروي أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إن ربك يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك)). والخطاب له صلى الله عليه وسلم يدخل في حكمه أمته. 51- وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها!)) قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: ((تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم)). متفق عليه. ((والأثرة)): الانفراد بالشيء عمن له فيه حق. في هذا الحديث: الصبر على جور الولاة، وإن استأثروا بالأموال، فإن الله سائلهم عما استرعاهم. 52- وعن أبي يحيى أسيد بن حضير رضي الله عنه: أن رجلا من الأنصار قال: يا رسول الله، ألا تستعملني كما استعملت فلانا؟ فقال: ((إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)). متفق عليه. ((وأسيد)): بضم الهمزة. ((وحضير)): بحاء مهملة مضمومة وضاد معجمة مفتوحة، والله أعلم. قيل: إن وجه المناسبة بين الجواب والسؤال أن من شأن العامل الاستئثار إلا من عصم الله، فأشفق عليه صلى الله عليه وسلم من أن يقع فيما يقع فيه بعض من يأتي بعده من الملوك، فيستأثر على ذوي الحقوق، وهذا من جملة معجزاته صلى الله عليه وسلم فقد وقع كما أخبر. 53- وعن أبي إبراهيم عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، انتظر حتى إذا مالت الشمس قام فيهم، فقال: ((يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف)). ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم)). متفق عليه، وبالله التوفيق. في هذا الحديث: الدعاء حال الشدائد، والخروج من الحول والقوة، والنهي عن تمني لقاء العدو، والأمر بالصبر والثبات عند اللقاء. وفيه: الحض على الجهاد. وفيه: الجمع بين الأخذ بالأسباب، والتوكل على الله تعالى.
مسجات إسلامية
Unknown User
November 29th 2017, 3:49 pm
0
مسجات